لا يمكنك تفكيك الأوضاع في مصر.. بحيث تفرز الصالح من الطالح.. أو السيء من الجيد .. " الكويس من الوحش" كما يقولون .. كله على بعضه كتلة واحدة .. من يؤيد الرئيس سيراه عجيبا في إنجازاته . ومن يختلف مع النظام وطريقته وأسلوبه في العمل وإدارة البلاد سيرى كل شيء سطحيا وبلا عمق وبلا تقدم وبلا احترام لإنسانية الإنسان!
-لا ادري ما الذي سيتكلفه النظام إن هو احترم إنسانية الإنسان بالفعل ؟! هل سينقص من وقاره "حته"؟! هل سيعايره أحد بأنه يرضخ للناس ويحترمهم .. بينما يجب عليه احتقارهم والتقليل من شأنهم؟!
بعضهم يتمتع ببجاحة منقطعة النظير .. فكلما اشرت له إلى عيب واعتبرته جوهريا .. سخر منك ومن القائلين بذلك معك وقال لك :انتم مش عايشين معانا .. الدول حوالينا تسقط ووووووو.. وكأن سقوط الدول من حولنا يجب أن يجبرنا على أن نضع "الجزمة" في أفواهنا ونخرس تماما.. وربما ننحني تقديرا للخرس.. ومن أجبرونا عليه!.
هل نحن شعب يستحق القمع والضرب والاحتقار؟! اذا كان ذلك صحيحا فسأوافق مع القائلين به.. بشرط لا يمكن التخلي عنه أبدا.. لنقل إنني سأوافق على وصم الشعب المصري بأنه همجي (فرضا) ويستحق القمع.. وأنه فسد ولا أمل له في العلاج.. وأنه المسؤول عن الأوضاع الحالية. كما يحلو لأصدقاء الرئيس أن يقولوا.. ولكني قبل أن أوافق على هذه الفروض المستحيلة.. التي يفترضها بعض المؤيدين للرئيس - أريد دليلا واحدا على ذلك.. فهناك مايكفي من الأدلة والبراهين، من التاريخ والمواقف، من السلوكيات، من الرؤى.. ما يمكن أن يشير إلى أن الشعب - أى شعب - لا يستحق القمع والقسوة والاعتقال والدكتاتورية والاحتقار، والتعالي عليه ومعاملته بالقهر والاستبداد .
قل إنني سوداوي النظرة أقل لك ببساطة انك مخطيء في التقييم، ورؤيتك محدودة.. وربما نظرك "شيش بيش".
هل أنت أكثر مصرية مني .. أو أكثر وطنية؟! .. لكي تعتقد أنك بهذه الرؤية تساند الوطن وأنا اضعفه؟! خسئت رؤيتك .. لايمكن أن نقيس الوطنية بمجرد انخراطك في دعم وتأييد النظام .. وبموجب ابتعادي أنا عنه ورفضي لمنطلقاته الخاطئة في العمل والأداء.. ولعلمك الثابت في كل الأحوال أن هناك معارضون أشرف من غيرهم . وأنما يعارضون أملا في غد أفضل ومستقبل أكثر ازدهارا.
انا لم أقل للنظام أن تكون اختياراته على هذه الشاكلة من السوء.. ثم يطلب منا تأييدا له، ويعتبر أن ما يفعله إنجازا!
لم أقل له يختار رئيس وزراء اقل من قامة مصر.. وفيها محمد غنيم ومحمد أبو الغار وفيها عمرو موسي وجودة عبد الخالق.. وفيها شباب يتمتعون بالجمع بين الإبداع والسياسة ..
.. في مصر أناس لو تنافسوا في انتخابات شريفة ونزيهة وبموجب قوانين انتخابات مقدرة ومحترمة ومعبرة عن جموع الإرادة المصرية الحقيقية.. لحصدوا مقاعد لهم وللتيارات التي يمثلونها .. ولو كان الحكم برلمانيا لجاء إلينا أكثر من رئيس وزراء محترم .. . ..
ستارمر الانجليزي .. ماكرون الفرنسي مثلا هل هما أفضل من أي مواطن مصري .. قاريء ومثقف وحصيف ويستطيع التعبير والإدارة ويحل المشكلات.. الخ؟!!
رئيس أي مجموعة اقتصادية مصرية كبرى أهم منهما.. فهو يكسب بالمليارات .. يتعامل مع قوانين وقرارات متناقضة متضاربة، من السلطة، من العمال، من الأهالي، من مجلس الوزراء، الجيش، من الشرطة.. من كل الملل والنحل.. يتعامل مع كل هذا التضارب وينجح ويكسب .. ليس معني هذا أنه إله أو نصف إله، أو سوبر مان، أو أن عمله نزيها ومتقنا ويراعي ربنا .. لا. قد يكون "حلنجي"، مخادع ، يلعب بالبيضة والحجر.. وقد يكون سياسيا قديرا، أو قائدا بالفطرة.. ولكنه عرك الحياة بالخبرة. من يمتلك مواصفات كهذه فلا شك أنه قائد افضل من ستارمر وماكرون وغيرهما ...
.. ومع هذا لانحظي بأحد من هؤلاء رئيساً للوزراء! لماذا يجب أن يكون رئيس الوزراء على النحو الذي نراه في الصور؟! لماذا تنظر إليه فلا تجد الكاريزما ولا الشخصية ولا القدرة! طبعا احمد نظيف نفس المدرسة، إبراهيم محلب، الوزير القادم من الميدان عصام شرف، الدكتور ببلاوي، شريف إسماعيل .. كل هؤلاء لم يكونوا - في أفضل الأحوال - أكثر من مجرد وزراء إسكان واقتصاد وتعليم عالي.. وحتى هذه كان لابد أن تكون بشروط صارمة.. كي نفهم أن التعليم العالى ليس لعبة نلهو بها ونلوكها بألسنتنا متى أردنا أن نقول أنّ لدينا إنجازا ما .. أو متفوقين .. أو ما شابه من الكلمات الساكتة التي لا معنى فيها ولا روح .. ولا قيمة!
اول القصيدة.. لوحة كافرة!
أول القصيدة اليوم.. فقط ؟! لا للأسف كل يوم .. كل يوم يمكنك أن ترى شيئا ما، يدلك على أنك لست على الطريق الصحيح.. هناك من يعتقد أنه يسير على طريق صحيح، طبقا لأهدافه.. طبقا لمعطياته، لظروفه، لحساباته.. حتى أن مصطفى مدبولى رئيس الوزراء يصرح الأربعاء الماضي بأن الأزمة الاقتصادية في مصر انتهت!
هكذا .. اعلان مدبولي تم من دون احتفال، أو شامبين، أو حتى قرع أنخاب فارغة في الهواء.. باعتبارنا دولة دينية محترمة.
الحكم الذي ينشده الناس في أي زمان هو الذي يخفف عنهم ويرعى أحلامهم وآمالهم.. ويجعلهم سعداء بقدر ما.. لا يشتكون ظلما لايرد.. لا يخاطبون ملكا لا ينصت أو يسمع أو يهتم .. لا يمضون حياتهم لحظة بلحظة وهم في توتر وخوف وقلق وترقب للمصائب القادمة، فإذا فاض بهم الكيل.. أطلقت السلطة عليهم جحافلها من كهنة الفتوي والفقه، ليقولوا للناس إنما أنتم تسألون أسئلة سببها نقص الدين ونقص الإيمان!
أول القصيدة.. لوحة كافرة، كل ما تلتقطه أعينكم صباح مساء إذا نوقش، وإذا كتب عنه.. سيقود إلى نفس النتيجة للأسف الشديد.
على مدار ثلاث سنوات مثلا .. تراكمت مخالفات مرورية على سيارة أحدهم، بلغت قيمتها ٩٠٤٥ جنيها! لنناقش مثلا هذا الأمر ..
بداية.. السيارة - بشكل مطلق - لا تعتبر اليوم ترفا ورفاهية.. لذا لا يقل أحد أنه هذا مثال على مشاكل المرفهين، هذا ليس صحيحا.. وللأسف نحن عطلنا من بين ماعطلنا مراكز استقصاء الرأي، نحينا كل ما له علاقة بالفكر والعقل.. واهتممنا بكل ما له علاقة بالمال، ولذلك حينما تفكر السلطة في الحصول على المال نظير ترخيص السيارة، فإنها تعتبرها سلعة ترفيهية غير عادية .. لكن الأغرب هو أن السلطة تريد أن تحصل على رسوم من هذه السلعة الترفيهية من دون أن تدفع للمواطن خدمات.. "مش كده ولا إيه " بصوت فؤاد المهندس. لماذا تتقاضي الدولة رسوما تفرضها بكل هذا الجشع: (٣٠٠٠ جنيه ضربية في السنة .. مايعني ٩٠٠٠ ج في ثلاث سنوات + ٩٠٠تأمين (لا تقدم مقابله خدمة من اي نوع مطلقاً!)٧٥٠ج ملصق إليكتروني (رسوم على مدي ٣سنوات تقريبا) ٤٥٠ ج طفاية حريق (رغم أني قائد متمرس منذ عام ٨٧ إلا أنني لم أصادف أحدا في المرور يسألني عن كيفية استخدامها وهل اجيد ذلك أم لا؟!)٢٥٠ج رسوم اسعافات - ٤٠٠ ج رسوم بيانات.. الإجمالي يقترب من الـ ١٢ ألف جنيه إلا قليلا!
ومع هذا، أنظر إلى فوائد هذا الدفع، ولماذا تحصل أجهزة المرور على كل ما تريده من مالك السيارة ولا تعطيه أي شيء على الإطلاق؟! حتي الطريق.. قد يكون مفروشا بالدم كما هي الحال في طرق الصعيد، أو المنوفية.. ذلك الذي أسقط مؤخرا الشهيدات جامعات العنب.
حتي الإرشادات المرورية فقيرة وتوضع في أماكن خاطئة، حدث ولا حرج عن الانهيارات الأرضية التي تلاحق العديد من الطرق الحديثة.. من دون أن نسمع عن معاقبة أحد.
الملصق الإلكتروني الذكي الذي هو من اختراع جهاز المرور، هو الذي فرضه علينا.. ومن دون تركيبة يتم مخالفة السائق أو احتجاز المركبة، والسؤال هو: ما علاقة قائد السيارة إذا كانت نوعية الملصق رديئة وتتلف بسرعة؟! لماذا يحملوننا المسؤولية؟ لماذا يريد العسكري أن ينقض عليك لأن الملصق بفعل الحرارة الشديدة ساح من أحد جوانبه؟ قائد السيارة دفع ثمن الملصق، والشرطي المروري أصر على أن يركبه بنفسه. فلماذا يخالفك شرطي.. إذا وجد الملصق تالفا من أحد جوانبه؟! المفروض أنها مجرد ستيكر.. مرتبط ببيانات صاحب السيارة لدي المرور، فإذا لاحظ شرطي تلفها.. عليه أن يقوم بإخطار جهاز المرور لاستصدار ملصق جديد لن يتكلف أكثر من خمسين جنيهاً، لا أن يقوم بتحرير مخالفات للملصق بسبب تلف جزء منه!! (يتبع)
---------------------------------------
بقلم: محمود الشربيني